تخطى إلى المحتوى
الدعوى الكيدية في السعودية

الدعوى الكيدية في السعودية التعريف والعقوبات

    في إحدى القضايا التي نُظرت حديثًا أمام المحكمة العامة بجدة، تقدمت إحدى السيدات بدعوى تتهم فيها طليقها بالاحتيال المالي، مطالبة بتعويض كبير. وبعد سلسلة من الجلسات، تبيّن أن الدعوى لا تستند إلى أي دليل حقيقي، وأن الغرض منها كان الانتقام الشخصي فقط.
    هذه الحالة تمثل ما يُعرف بـ الدعاوى الكيدية.
    في هذا المقال، نستعرض مفهوم الدعوى الكيدية في السعودية، وعقوبتها النظامية، وآثارها القانونية والمجتمعية.

    للحصول على معلومات التواصل معنا اضغط على صفحة اتصل بنا.

    ما هي الدعوى الكيدية في السعودية؟

    التعريف النظامي والفقهي للدعوى الكيدية هو مطالبة قضائية يُقدّمها شخص ليس له فيها حق، بقصد الإضرار بالخصم أو الإساءة إليه أو تعطيل مصالحه.

    وقد نصت المادة (3) من نظام المرافعات الشرعية على ما يلي:
    “لا يقبل أي طلب أو دفع لا تكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة مشروعة.”
    ويُفهم من ذلك أن غياب المصلحة المشروعة أو إقامة الدعوى بنية الإضرار يخرجها من إطار التقاضي المشروع ويدخلها في نطاق الكيدية، ما يعرض صاحبها للمساءلة.

    ويُطرح هنا سؤال يتبادر إلى أذهان الكثيرين: هل مجرد خسارة الدعوى تعني أنها كيدية؟
    بالطبع لا. فالخسارة لا تعني بالضرورة الكيد، ما لم يثبت أن القصد من الدعوى كان الإضرار أو أنها بُنيت على وقائع مختلقة دون دليل.

    متى تعتبر الدعوى كيدية؟

    تُعتبر الدعوى كيدية إذا توفرت فيها الأركان التالية:

    1. نية الإضرار بالخصم دون مبرر مشروع.
    2. غياب الحق وعدم وجود سبب حقيقي للدعوى أو تقديم وقائع يعلم المدعي أنها كاذبة.
    3. تكرار رفع الدعوى نفسها بعد صدور حكم نهائي فيها، في محاولة لإرهاق الخصم أو تعطيل مصالحه.

    ويُشترط لإثبات الكيدية وجود قرائن أو مستندات واضحة تؤكد نية الإضرار، أو سوء نية المدعي، مثل المراسلات أو سوابق القضايا.

    فيما يلي بعض أمثلة عملية على الدعاوى الكيدية:

    • تكرار دعوى سبق الفصل فيها نهائيًا
      رجل رفع دعوى ملكية عقار على أخيه، فصدر حكم نهائي برد الدعوى. بعد عام، أعاد رفع نفس الدعوى بنفس الوقائع دون مستند جديد. قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى واعتبرتها كيدية لتكرار الادعاء بلا سبب مشروع.
    • دعوى نفقة بقصد الضغط والتشهير
      رفعت زوجة سابقة دعوى نفقة على طليقها رغم وجود حكم سابق بالنفقة واستمرار التزامه بالدفع. تبين أن الغرض من الدعوى كان فقط الضغط الإعلامي والتشهير به في محيط العمل. قررت المحكمة رفض الدعوى ووجهت لها إنذارًا تعزيريًا.

    ويُطرح هنا تساؤل جوهري في مثل هذه الحالات:

    هل يكفي رفض الدعوى حتى تُعد كيدية؟
    في الواقع، الرفض لا يكفي وحده، بل يجب إثبات توفّر عناصر الكيدية مجتمعة، ويعود التقدير النهائي للمحكمة بناءً على وقائع القضية.

    عقوبة الدعوى الكيدية في السعودية

    فرضت الأنظمة القضائية السعودية عدة عقوبات تهدف إلى ردع الدعوى الكيدية، ومنها:

    نوع العقوبة

    التفاصيل

    التعويضات المالية

    إلزام المدعي الكيدي بتعويض المتضرر عن الأضرار الفعلية (مصاريف، ضرر معنوي، خسائر).

    الغرامات المالية

    وفق نظام التكاليف القضائية، يُلزم بدفع رسوم مضاعفة أو غرامات تصل إلى 10 آلاف ريال.

    السجن أو الجلد (في الحالات المشددة)

    إذا اقترنت الدعوى ببلاغ كاذب أو شهادة زور، تُطبَّق العقوبات الجنائية (المادة 3 من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية).

    العقوبة تختلف حسب نوع القضية (جنائية، مدنية، تجارية) وقناعة المحكمة بتوافر نية الكيد. الدعوى الكيدية في السعودية التعريف والعقوبات .

    أثر الدعاوى الكيدية على النظام القضائي والمجتمع

    تشكل الدعاوى الكيدية عبئًا بالغًا على النظام القضائي في المملكة، لما تُحدثه من:

    • إهدار وقت القضاء: تشغل المحاكم بقضايا لا تستند إلى حق مشروع، مما يؤخر البت في القضايا المستحقة.
    • الضغط على الخصوم: تُستخدم كأداة للابتزاز أو التشويه، ما يضر بسمعة الأفراد ويؤثر على علاقاتهم الاجتماعية أو التجارية.
    • زعزعة الثقة في العدالة: تكرار هذا السلوك يُضعف من مصداقية القضاء لدى المواطنين ويثير الشكوك حول عدالة الأحكام.
    • تعطيل مصالح الأفراد والجهات: خاصة في الدعاوى ذات الطابع المالي أو الإداري التي تؤثر على سير العمل أو تنفيذ العقود.
    • إرهاق الجهات العدلية والرقابية: مما يستنزف الموارد الإدارية والبشرية التي يمكن توجيهها لخدمة العدالة الحقيقية.

    هل تُعد الدعوى الكيدية جريمة بحد ذاتها أم مجرد إساءة استخدام للحق؟
    في الواقع، يُنظر إلى الدعوى الكيدية كتصرف غير مشروع قد يُرتب مسؤولية تعويضية أو حتى جزائية وفق ملابسات كل حالة، ويُعد ذلك جزءًا من توجه المملكة لتعزيز سلامة القضاء وموثوقيته.

    في النهاية تمثل الدعوى الكيدية في السعودية تحديًا حقيقيًا أمام تحقيق العدالة، لما تُحدثه من آثار سلبية على الأفراد والنظام القضائي بأكمله.
    وقد حرصت الأنظمة السعودية – بما في ذلك نظام المرافعات الشرعية – على تنظيم هذه المسألة ومعاقبة من يسيء استخدام الحق في التقاضي.

    إذا واجهت دعوى كيدية أو احتجت للدفاع ضدها، تواصل مع مع محامي جنائي في السعودية عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.

    لقراءة المزيد تابع:

    دعوى سب وشتم كيدية في السعودية

    إسقاط قضية خطأ طبي كيدية في السعودية: خطوات وشروط

    شروط رفع الدعوى الجنائية في القانون السعودي

    لديك استشارة قانونية؟
    تواصل مع محامي