تُعد جريمة القتل الخطأ من الجرائم التي تحدث دون إرادة أو نية بتحقيق النتيجة، وهو ما يميزها عن جريمة القتل العمد التي يتوافر بها القصد والدافع.
نتناول في السطور التالية جوانب جريمة القتل الخطأ -في القانون السعودي وأركانها، ونستعرض أمثلة واقعية، والضوابط القضائية، والعقوبات المفروضة على مرتكبي هذه الجريمة.
لاستشارة أو توكيل محامي، اتصل بنا عبر الأرقام الموجودة في الصفحة.
جدول المحتويات
القتل الخطأ في القانون السعودي
يمكننا تعريف القتل الخطأ في القانون السعودي بأنه:
الفعل الذي يقوم به الشخص بشكل مباح، فيؤدي لقتل إنسان آخر دون أن يقصد الفاعل ذلك، وهو ذاته القتل بدون قصد، أو القتل بدون عمد. ويعتبر القتل الخطأ أحد أنواع القتل الثلاثة وهي القتل العمد والقتل شبه العمد.
والقتل الخطأ يتخذ عدة أشكال منها:
- الخطأ في الفعل، ويقع حين يكون الجاني قاصدًا فعل القتل، كمن يهدم جدارًا فيقع على شخص، أو يقود سيارته فيصدم شخص آخر فيقتله.
- الخطأ في القصد، وهنا يقوم الجاني بفعل القتل، إلا أنه لا يقصد قتل المجني عليه، كمن يطلق النار على شخص تسلل إلى البيت، فيصيب أحد أفراد أسرته.
وقد حدد النظام السعودي عقوبة القتل الخطأ على النحو التالي:
- الدية في الحق الخاص لذوي المجني عليه، والمتمثلة بمبلغ 300,000 ريال سعودي، والمحسوبة على أساس 100 رأس من الإبل.
- الحبس والغرامة، إذا ما كان هناك حق عام نتيجة القتل الخطأ، بسبب عدم مراعاة الأنظمة و اللوائح، أو نتيجة الاستهتار والرعونة والطيش.
أمثلة على حالات القتل الخطأ
يتحقق القتل الخطأ بأن يقوم شخص بفعل فيصيب شخص آخر لم يقصد قتله، إلا أنه يموت جراء هذا الفعل، ولفهم القتل الخطأ بوضوح، لا بد من استعراض بعض الأمثلة الواقعية التي تقع تحت هذا النوع من الجرائم:
- إطلاق النار بقصد صيد أو إصابة هدف إلا أن الرصاصة تصيب إنسان فتقتله.
- وقوع حادث سير غير متعمد يتسبب في وفاة شخص دون وجود نية أو إهمال جسيم، مثل الانزلاق بسبب الجليد.
- إطلاق النار في الهواء خلال احتفال أو بقصد إنهاء مشاجرة، فتصيب رصاصة طائشة شخصًا وتودي بحياته.
- ارتكاب الطبيب خطأ طبي أثناء عملية جراحية تؤدي إلى وفاة المريض، دون وجود قصد للقتل.
- العراك بين طرفين أو أكثر ينتهي بسقوط أحدهم ووفاته دون تعمد القتل.
حكم القتل الخطأ في الشريعة
إن الحكم الشرعي في القتل الخطأ يستوجب الدية على الجاني الذي قتل المجني عليه خطأً، وذلك امتثالًا لقول الله عز وجل:
((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ )) سورة النساء الآية 92.
ولا تجب الدية على العاقلة إلا في القتل الخطأ، أما في القصاص إذا ما تم الاتفاق على الدية بين ذوي المجني عليه والجاني، فإن العاقلة لا تتحمل تلك الدية مع الجاني. والعاقلة جمع عاقل، وهو دافع الدية.
وعاقلة الجاني هم عصبته، أي الأقرباء من جهة الأب فقط، كالأعمام وبنيهم، والأخوة وبنيهم، وتقسم الدية على الأقرب فالأقرب. بحيث تقسم على الإخوة وبنيهم، ثم الأعمام وبنيهم، ثم أعمام الأب وبنيهم، ثم أعمام الجد وبنيهم وهكذا.
ويجب على الجاني بالإضافة إلى دفع الدية لذوي المجني عليه، أن يؤدي كفارة القتل الخطأ، والمتمثلة بتحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين.
ونظرًا لعدم إمكانية تحرير رقبة في الوقت المعاصر لانتهاء عصر الرق والعبودية، فإنه لا بد من صيام شهرين متتابعين، إلا إذا كان الجاني الذي قتل خطأ غير مكلف، كأن يكون صبيًا أو مجنونًا.
التعويض المعنوي عن القتل الخطأ
هناك من يرى بالرغم من أن الدية المدفوعة في القتل الخطأ تشمل التعويض المادي والمعنوي عن الضرر الذي لحق بذوي المجني عليه نتيجة قتل مورثهم.
إلا أنه يمكن للقاضي الجزائي الناظر في دعوى القتل الخطأ، أن يحمل الجاني بالإضافة للدية تعويضًا يتم تقديره لذوي المجني عليها عن الضرر النفسي أو المعنوي الذي لحق بهم نتيجة قتل مورثهم.
وبالعودة لتعريف الدية نجدها بأنها المال الواجب دفعه من قبل الجاني نتيجة قتله لشخص تعويضًا عن دمه المراق بسبب الخطأ أو الإهمال أو قلة الاحتراز.
وبالتالي فإن الدية جاءت حقنًا لدماء الأبرياء ولحفظ الأرواح ولزجر الجاني نتيجة استهانته بالأنفس البشرية بإهماله وعدم احترازه.
ولا مانع من أن يتم فرض تعويض معنوي لذوي المجني عليه المقتول، بالإضافة للدية خاصة إذا ما كان مصابهم أليم نتيجة ذلك القتل الخطأ.
كما أنّ مقدار دية القتل الخطأ في السعودية بشكل عام ودية القتل الخطأ في حوادث السيارات، تقدر بمبلغ 300,000 ريال سعودي مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة في الأنظمة بشأن القاتل.
الضوابط القانونية في قضايا القتل الخطأ
يستند النظام السعودي إلى أحكام الشريعة في قضايا القتل غير العمد في الإسلام، وبالتالي فإن القتل الخطأ يخضع لأحكام الإثبات والدية، ويُحكم فيها من قبل القاضي بناءً على ملابسات القضية.
ومن أبرز الضوابط التي يراعيها القضاء السعودي في هذا النوع من القضايا:
- إثبات غياب القصد الجنائي في قتل المجني عليه.
- توافر عنصر الخطأ أو التقصير أو الإهمال دون تعمد.
- اعتماد الأدلة وشهادات الشهود، والتقارير الطبية والفنية لتحديد إن كانت الوفاة ناتجة عن خطأ أو إهمال أو بشكل قصدي.
- النظر في طبيعة العلاقة بين الجاني والمجني عليه، فيما لو كان بينهما سوابق عداوة، أو مواقف تهديد سابقة.
- اعتماد تقارير الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة وكيفيتها بدقة.
عقوبة القتل الخطأ في القانون السعودي
تفرض على مرتكبي جرائم القتل في السعودية التي تتم بطريق الخطأ عقوبات متنوعة تختلف باختلاف الحالة التي وقعت فيها الجريمة.
إلا أنها تشترك بأن لا قصاص في عقوبة القتل الخطأ، بل يكون له عقوبة تتمثل بدفع الدية، والسجن بحسب الحالة، وفيما يلي بعض أشكال العقوبات المفروضة:
- القتل الخطأ في مشاجرة: تنتهي بعض المشاجرات بسقوط أحد المتخاصمين ووفاته، فإذا ثبت للقاضي أن الوفاة ناتجة عن فعل غير متعمد، يُلزم الجاني بدفع الدية وقدرها 300 ألف ريال بحسب نظام الجرائم والعقوبات السعودي.
- القتل الخطأ في حوادث المرور: تعتبر الوفاة الناتجة عن حادث مروري غير متعمد قتل خطأ، وتكون عقوبة القتل الخطأ في حوادث السيارات هي السجن مدة لا تتجاوز أربع سنوات، ودفع غرامة لا تزيد عن 200 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، ودفع دية المقتول.
- القتل الخطأ تحت تأثير المخدرات: إذا ثبت أن الجاني كان تحت تأثير المخدرات أو الكحول، تشدد العقوبة نتيجة تعاطي المؤثرات العقلية، بحيث يعاقب بالسجن لمدة يقدرها القاضي، بالإضافة لدفع الدية.
- القتل الخطأ للقاصر: يراعي القضاء السعودي ظروف الجاني إن كان قاصرًا في حالات القتل الخطأ، حيث لا يعاقب بالسجن وإنما يتم إيداعه في مؤسسة اجتماعية أو الدار لمدة يقدرها القاضي.
الأركان القانونية لجريمة القتل الخطأ في النظام السعودي
تستند جريمة القتل الخطأ في القانون السعودي إلى ثلاثة أركان أساسية:
- الركن المادي: ويتكون من ثلاثة عناصر:
- نشاط الجاني: يتمثل بوقوع اعتداء على حياة المجني عليه، وذلك بإحدى صور الخطأ، سواء بالإهمال وعدم الانتباه، أو عدم الاحتياط، أو الرعونة، أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة السارية.
- النتيجة الجرمية: وتتمثل بحدوث الوفاة، ولا يتم هذا العنصر إلا بتحقق الوفاة لمساءلة الفاعل عن جريمة القتل الخطأ.
- العلاقة السببية: تكون قائمة إذا ثبت أن الفعل الخاطئ الذي صدر عن الجاني قد أدى بمفرده إلى وفاة المجني عليه.
- محل الجريمة: أن يقع القتل الخطأ على شخص حي.
- الركن المعنوي: توافر الخطأ لدى الجاني، والذي تترتب المسؤولية الجزائية على أساسه.
الأسئلة الشائعة حول مقالنا القتل الخطأ في القانون السعودي
في الختام، يمثل القتل الخطأ في القانون السعودي قضية قانونية حساسة، لما تحمله من تبعات على الجاني وذوي الضحية على حد سواء.
وإن كنت متورطًا في قضية قتل عن طريق الخطأ أو تريد المطالبة بحقوقك المترتبة على قضية قتل أحد ذويك، لا تتردد في التواصل محامي جنائي في السعودية عبر النقر على زر الواتساب أسفل الشاشة.
أعرف أكثر عن: هل القتل الخطأ يمنع من الميراث، وصيغة لائحة اعتراضية في قتل بالخطأ حادث، كذلك الصلح في القتل الخطأ. قد تحتاج إلى محامي قتل في السعودية، أو محامي جنائي جدة.
المصادر:
- المادة (62) من نظام المرور.
- قرار الهيئة العامة للمحكمة العليا رقم 2 في 14/7/1431 بشأن الدية.
- صحيفة الوطن- جريمة القتل الخطأ والإصابة الخطأ.

- محامي ومستشار قانوني.
- مالك ومؤسس مكتب الصفوة للمحاماة والاستشارات القانونية في جدة.
- حاصل على درجة بكلوريوس اختصاص شريعة إسلامية – جامعة أم القرى – معدل ممتاز.
- سنوات الخبرة: 8 سنوات.
- امتلك معرفة شاملة بالأنظمة والقوانين واللوائح السعودية وما يطرأ عليها من تغييرات.
- خبرة واسعة في تقديم العديد من الخدمات القانونية للعملاء في القضايا كافة و القضايا الجنائية بمختلف أنواعها.
- دقة عالية في إعداد الوثائق القانونية كافة مثل العقود، الدعاوى القضائية، الصكوك، وإعداد الملخصات وتجهيز اللوائح الاعتراضية.
- ساهمت بفضل الله في مساعدة العديد من الشركات وتجاوز العديد من الثغرات، وحل مختلف النزاعات، وتحليل العديد من المشاكل القانونية بخبرة واحترافية.