تخطى إلى المحتوى
التعويض المادي عن الابتزاز في النظام السعودي​

التعويض المادي عن الابتزاز في النظام السعودي​: حقوق الضحية وآليات المطالبة

    في العصر الرقمي أصبح الابتزاز، خصوصًا الإلكتروني، من أخطر الجرائم التي تمس الأفراد ماديًا ومعنويًا، إذ يُجبر الضحايا أحيانًا على دفع مبالغ أو تقديم تنازلات تحت التهديد.

    وفي هذا الإطار، يطرح النظام السعودي تنظيمًا واضحًا يتيح للضحية المطالبة بـ التعويض المادي عن الابتزاز متى ثبتت الجريمة بالأدلة النظامية، لضمان جبر الضرر واستعادة الحقوق.

    يتناول هذا المقال بإيجاز مفهوم الابتزاز، والأساس القانوني للتعويض، وخطوات المطالبة به، مع توضيح أهم التحديات والحالات التي قد يُرفض فيها التعويض وفق الأنظمة السعودية السارية.

    التعويض المادي عن الابتزاز في النظام السعودي: حقك في استرداد ما سُلب

    يُعرَّف الابتزاز في النظام السعودي بأنه تهديد أو ضغط يُجبر شخصًا على تقديم منفعة مادية أو القيام بفعل تحت الإكراه، ويُعد جريمة يُعاقب عليها النظام بالسجن لمدة تصل إلى سنة وغرامة تصل إلى 500 ألف ريال وفق المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

    ويختلف الابتزاز عن الرشوة في أن الأولى تقوم على التهديد غير المشروع، بينما الثانية ترتبط بمقابل لموظف عام.
    ويمنح النظام الضحية حق التعويض المادي عن الأضرار المالية الناتجة عن الابتزاز – الإلكتروني أو المباشر – تحقيقًا للعدالة وجبرًا للضرر.

    أبرز النقاط

    • الابتزاز جريمة معلوماتية موجبة للعقوبة والتعويض.
    • يحق للضحية المطالبة باسترداد المبالغ أو الخسائر المالية الناتجة عن الجريمة.
    • يشترط لإقرار التعويض إثبات الجريمة والضرر المادي بعلاقة سببية واضحة.
    • يمكن المطالبة بالتعويض ضمن الدعوى الجنائية أو بدعوى مدنية مستقلة.
    • يوصى بتوكيل محامٍ مختص في الجرائم المعلوماتية لتقديم الدعوى ومتابعة التنفيذ.

    إن التعويض المادي عن الابتزاز في السعودية هو ضمانة نظامية لحماية الضحية واسترداد حقها المالي، ويعكس حرص المشرّع على حماية الأفراد من التهديد والضغط.

    الأساس القانوني للتعويض المادي في حالات الابتزاز

    يقرّ النظام السعودي بحق الضحية في المطالبة بـ التعويض المادي عند ثبوت جريمة الابتزاز، شريطة توافر مجموعة من الضوابط النظامية التي تضمن عدالة الحكم وسلامة الإجراء، وأبرزها ما يلي:

    • قيام الفعل الجرمي وثبوته قضائيًا: يشترط أن تكون هناك إدانة صريحة بجريمة الابتزاز أو التهديد الذي تسبب في الضرر المادي، أو حكم قضائي يقرر مسؤولية الجاني.
      فمن دون إثبات الجريمة قانونيًا، لا يمكن للمحكمة الحكم بالتعويض حتى لو وُجد ضرر فعلي.
    • إثبات العلاقة بين الفعل والضرر: يجب على الضحية أن يثبت أن الفعل الابتزازي هو السبب المباشر للخسارة المالية أو المبلغ المدفوع.
      وفي حال تداخلت أسباب أخرى مستقلة، يمكن أن يُخفض أو يُرفض التعويض جزئيًا.
    • أن يكون الضرر ماديًا قابلًا للتقدير: يشترط أن يكون الضرر ماليًا ملموسًا يمكن تقديره بمستندات وأدلة، مثل إيصالات الدفع أو التحويلات البنكية.
      ولا يُعتد عادةً بالأضرار المعنوية وحدها ما لم تُثبت بعلاقة واضحة مع الضرر المالي.
    • رفع الدعوى خلال المدة النظامية: يلزم رفع الدعوى أو طلب التعويض قبل انقضاء المدة المحددة قانونًا؛ إذ يسقط الحق بالتقادم إذا تأخر الضحية في المطالبة به.
    • اتباع الإجراءات القضائية الصحيحة: يجب أن تُرفع الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة، مع استيفاء المتطلبات الشكلية مثل صياغة الطلب، تقديم الأدلة، وتمثيل الضحية قانونيًا لضمان قبول الدعوى وسرعة الفصل فيها.

    التعويض المادي عن الابتزاز في السعودية ليس مجرد حق أخلاقي، بل ضمانة قانونية مشروطة بثبوت الجريمة وإثبات الضرر بعلاقة سببية واضحة، مما يوجب على الضحية اللجوء إلى القضاء المختص ومتابعة الإجراءات بمساعدة محامٍ مختص لضمان استيفاء التعويض الكامل.

    شروط وإجراءات المطالبة بالتعويض المادي في النظام السعودي

    يمنح النظام السعودي الضحية الحق في المطالبة بـ التعويض المادي عن الابتزاز، سواء ضمن الدعوى الجنائية أو بدعوى مدنية مستقلة، بشرط توافر الأسس القانونية والإجرائية التي تضمن قبول المطالبة وتنفيذها.

    عادةً يُقدَّم طلب التعويض مع الدعوى الجنائية أو بعد صدور الحكم، أمام المحكمة المختصة بالأضرار المدنية أو محكمة التنفيذ في حال صدور حكم نهائي. كما يمكن للنيابة العامة متابعة الشق المدني عند ارتباطه بالفعل الإجرامي.

    الخطوات النظامية للمطالبة بالتعويض

    • تقديم البلاغ الجنائي: يبدأ الإجراء بتقديم بلاغ رسمي إلى الشرطة أو النيابة العامة مرفقًا بالأدلة الداعمة للجريمة، مثل رسائل التهديد أو التسجيلات أو التحويلات البنكية.
      وفي حالة الابتزاز الإلكتروني، يُرفع البلاغ إلى الجهة المختصة بجرائم المعلوماتية وفق نظام مكافحة جرائم المعلوماتية.
    • التحقيق وإصدار الحكم الجزائي: تتولى النيابة العامة التحقيق واستكمال الأدلة، ثم تُحال القضية إلى المحكمة.
      وبعد ثبوت الجريمة يصدر الحكم الجزائي بالإدانة، ويمكن خلاله إدراج المطالبة المدنية أو الإحالة إلى دعوى مستقلة للتعويض.
    • تقديم طلب التعويض المدني: يحق للضحية أن يطلب التعويض المادي أثناء جلسات الحكم أو بعده أمام المحكمة المدنية، مع تقديم المستندات التي تثبت الضرر، مثل الإيصالات البنكية أو التحويلات أو العقود أو تقارير الخبراء.
    • إثبات قيمة الضرر: قد تستعين المحكمة بـ خبير مالي أو محاسب قانوني لتقدير حجم الضرر المالي وتحديد المبلغ المستحق للتعويض، بناءً على الأدلة المقدمة من الطرفين.
    • تنفيذ الحكم: بعد صدور الحكم بالتعويض، تُحال القضية إلى محكمة التنفيذ لاسترداد المبالغ المحكوم بها.
      وإذا امتنع المحكوم عليه عن التنفيذ، يمكن اتخاذ إجراءات تحفظية مثل الحجز على أمواله أو حساباته البنكية لضمان الوفاء بالحق.

    إجراءات المطالبة بالتعويض المادي في قضايا الابتزاز تتطلب إثباتًا قانونيًا للجريمة، وأدلة مالية واضحة، واتباع مسار قضائي منضبط من البلاغ وحتى التنفيذ.
    ولضمان سلامة الإجراءات وسرعة استرداد الحقوق، يُستحسن الاستعانة بـ محامٍ مختص في الجرائم المعلوماتية لتولي القضية ومتابعة تنفيذ الحكم عبر الجهات العدلية المختصة.

    الصعوبات والقيود: الحالات التي قد يُرفض فيها التعويض المادي

    رغم أن النظام السعودي أقر بحق الضحية في التعويض المادي عن الابتزاز، إلا أن هذا الحق لا يُمنح تلقائيًا، بل يخضع لضوابط دقيقة، وقد ترفض المحكمة المطالبة بالتعويض في بعض الحالات التي تتعلق بسلامة الإثبات أو الإجراءات النظامية.

    • غياب الإثبات الكافي: من أهم أسباب رفض التعويض عدم كفاية الأدلة التي تربط بين الفعل الابتزازي والضرر المالي.
      فإذا عجز الضحية عن إثبات التحويل المالي أو العلاقة السببية بين التهديد والخسارة، ترفض المحكمة المطالبة لغياب الأساس القانوني الواضح.
    • انقضاء مدة التقادم النظامية: يسقط الحق في المطالبة بالتعويض إذا تجاوزت الدعوى المدة القانونية المحددة دون رفعها أمام الجهة المختصة.
      ويختلف التقادم حسب نوع الدعوى (جنائية أو مدنية)، لكن المبدأ العام في نظام المعاملات المدنية ينص على أن الدعوى لا تُسمع بعد مرور عشر سنوات من تاريخ نشوء الحق ما لم يوجد نص خاص.
    • تعذر تحديد الضرر أو قيمته بدقة: إذا كانت المطالبة مبنية على تقديرات عامة أو أضرار غير موثقة، كقول “خسرت مبلغًا” دون إثبات رقمي أو مستندات مالية، ترفض المحكمة التعويض لعدم قابلية الضرر للتقدير المادي.
    • تواطؤ الضحية أو التنازل عن الحق: في حال ثبت أن الضحية تنازلت عن حقها أو تعاونت مع الجاني بعد وقوع الابتزاز، أو تأخرت في التبليغ فترة طويلة بلا مبرر، قد تُشكك المحكمة في جدية الدعوى وتعتبر أن الضرر ناتج عن تقصير شخصي.
    • وجود استثناءات قانونية محددة: بعض الجرائم ذات الطابع العام أو الأمني قد لا يترتب عليها تعويض مادي للضحية، إذ يكون الغرض منها حماية المصلحة العامة لا الخاصة.
      كما أن بعض القضايا المعلوماتية البسيطة قد تُعالج بالعقوبة دون التعويض إذا لم يثبت ضرر مالي واضح.

    قبول طلب التعويض المادي في قضايا الابتزاز يتوقف على قوة الإثبات، ووضوح العلاقة بين الفعل والضرر، والالتزام بالمواعيد النظامية.
    ولتفادي هذه العقبات، يُوصى بالاحتفاظ بكل المستندات الرقمية والمالية، والتبليغ الفوري عن الجريمة، وطلب الدعم من محامٍ مختص في القضايا المعلوماتية لضمان عدم سقوط الحق أو رفض الدعوى شكلًا أو موضوعًا.

    مثال واقعي تخيّلي وتطبيق عملي

    الوقائع التخيّلية:
    منال (ضحية) تلقت رسائل تهديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي تطالبها بدفع مبلغ 50,000 ريال لإلا تنشر صورًا خاصة بها. شعرت بالخوف، وأجبرت على تحويل المبلغ من حسابها البنكي إلى حساب الجاني لتجنب الفضائح.

    الإجراءات القانونية:

    • ذهبت منال إلى مركز الشرطة وقدمت بلاغًا مرفقًا برسائل التهديد وسجلّ المحادثة وتحويل المبلغ البنكي كدليل.
    • فتحت النيابة تحقيقًا في جريمة الابتزاز الإلكتروني وطلبت استدعاء المشتبه به.
    • في المحكمة، ثبتت الجريمة وأدين الجاني. كما أُدرج طلب منال بالتعويض المادي عن المبلغ المحوّل.
    • قد تُكلف المحكمة خبيرًا ماليًا لتأكيد أن مبلغ 50,000 ريال هو فعليًا ما دفعته بسبب التهديد.
    • يُصدر حكمًا يقضي برد المبلغ إلى منال مع الفوائد إن نص القانون أو المحكمة تراها مناسبة.

    في هذا المثال، من المتوقّع أن يُقضي القضاء بالتعويض المادي الكامل إذا توفرت الأدلة وربط السببية.

    سقوط الدعوى بالتقادم في القضايا الجنائية والمدنية

    يُعد التقادم من المسائل النظامية الجوهرية التي قد تُسقط حق الضحية في المطالبة بالتعويض، حتى وإن كان الحق ثابتًا من الناحية القانونية.

    ويهدف هذا المبدأ إلى تحقيق الاستقرار القضائي ومنع تراكم النزاعات بعد مرور فترات طويلة دون تحريك الدعوى.

    • التقادم في القضايا الجنائية: تسقط الدعوى الجنائية بعد مرور مدة زمنية محددة يقرّرها نظام الإجراءات الجزائية، تختلف بحسب نوع الجريمة وخطورتها.
      فعلى سبيل المثال، في الجرائم الجسيمة قد تسقط الدعوى بعد عشر سنوات من وقوع الفعل إذا لم تُباشَر فيها أي إجراءات تحقيق أو محاكمة.
      ويُقصد بالسقوط هنا انتهاء الحق العام للدولة في ملاحقة الجاني، مما يعني عدم إمكانية تحريك الدعوى الجزائية أو تنفيذ العقوبة بعد انقضاء المدة.
    • التقادم في القضايا المدنية: أما في الجانب المدني، فقد نص نظام المعاملات المدنية السعودي على أن الدعوى لا تُسمع بعد مرور عشر سنوات من تاريخ نشوء الحق، ما لم يوجد نص خاص يُمدد المدة أو يستثنيها.
      وينطبق ذلك على دعوى التعويض المادي عن الأضرار الناتجة عن الابتزاز، إذ يُشترط رفعها خلال المدة القانونية وإلا سقط الحق بالمطالبة.
    • الاستثناءات من التقادم: لا يسري التقادم في بعض الحالات، مثل:
      • إذا كان هناك مانع نظامي أو قهري حال دون رفع الدعوى (كالمرض أو الحبس).
      • إذا تم الاعتراف بالحق أو بجزء من الدين خلال مدة التقادم، مما يُعيد سريان المدة من جديد.
      • في القضايا المتعلقة بالحقوق العامة أو الأمنية التي لا تقبل السقوط بالتقادم حفاظًا على النظام العام.

    سقوط الدعوى بالتقادم لا يعني انتفاء الحق، بل عدم سماع المطالبة به أمام القضاء بعد مرور المدة النظامية.
    لذا، ينبغي على الضحية في قضايا الابتزاز المبادرة بتقديم البلاغ ورفع الدعوى فورًا لتجنّب ضياع الحقوق بالتقادم، والاستعانة بمحامٍ مختص لتحديد المدد القانونية وضمان اتخاذ الإجراءات في الوقت المحدد وفق الأنظمة السعودية السارية.

    دور المحامي في قضايا التعويض عن الابتزاز

    تُعد قضايا الابتزاز من أكثر القضايا حساسية، نظرًا لتشابكها بين الجوانب الجنائية والمالية، مما يجعل دور المحامي أساسيًا في حماية حقوق الضحية وضمان سير الدعوى وفق الأنظمة السعودية.

    مهام المحامي الأساسية

    • التكييف القانوني للجريمة: تحديد ما إذا كانت الواقعة ابتزازًا إلكترونيًا أو مباشرًا، وتحديد الجهة القضائية المختصة.
    • تقديم البلاغ وصياغة الدعوى: إعداد البلاغ النظامي لدى النيابة العامة وصياغة لائحة التعويض وفق الأنظمة المعمول بها.
    • جمع الأدلة وتوثيقها: التنسيق مع الجهات المختصة لتوثيق الرسائل أو التحويلات المالية وإثبات العلاقة السببية بين الفعل والضرر.
    • تمثيل الضحية أمام القضاء: متابعة جلسات التحقيق والمحاكمة حتى صدور الحكم بالتعويض.
    • تنفيذ الحكم ومتابعته: مباشرة إجراءات التنفيذ واسترداد المبلغ المحكوم به أمام محكمة التنفيذ.

    يُعنى المحامي الجنائي في السعودية بمتابعة قضايا الابتزاز والجرائم المعلوماتية وفق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية ونظام الإجراءات الجزائية، لضمان سلامة التحقيق وإثبات الجريمة وحماية حقوق جميع الأطراف.

    ويسهم وجود محامي جنائي مختص في تأمين حماية قانونية متكاملة للضحية من مرحلة البلاغ حتى تنفيذ حكم التعويض، ضمن إطار نظامي عادل يقرّه القانون السعودي.

    الأسئلة الشائعة حول التعويض المادي عن الابتزاز في النظام السعودي​

    نعم، فالحكم بالتعويض لا يتوقف على العقوبة الجنائية، إذ يمكن للمحكمة أن تُلزم الجاني بالتعويض المدني متى ثبت الضرر المالي حتى وإن صدر حكم مخفف أو استُعيض بالسجن بالغرامة.
    يفضَّل ذلك بشدة، لأن قضايا الابتزاز تجمع بين الجوانب التقنية والجنائية والمدنية، وتتطلب صياغة نظامية دقيقة وإجراءات صحيحة أمام النيابة العامة والمحكمة ومحكمة التنفيذ، وهو ما يضمن سرعة البت واسترداد الحقوق المالية كاملة.

    في الختام، يؤكد التعويض المادي عن الابتزاز في النظام السعودي​ حق الضحية في استرداد أمواله وجبر الضرر وفق الأنظمة المعمول بها.
    ولضمان سير الدعوى بشكل نظامي وسريع، يُنصح بالاستعانة بـ محامي جنائي مختص في قضايا الابتزاز والجرائم المعلوماتية.
    للاستشارة القانونية تواصل معنا عبر صفحة اتصل بنا للحصول على دعم قانوني من محامٍ جنائي معتمد في السعودية.

    مواضيع ذات صلة: إسقاط تهمة الابتزاز الإلكتروني، وكذلك هل تُخفف عقوبة الابتزاز الإلكتروني، وأيضاً الحق الخاص في الابتزاز.


    المصادر:

    نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.

    لديك استشارة قانونية؟
    تواصل مع محامي