تخطى إلى المحتوى
التعارض بين التسوية والحق العام في القضايا الجنائية في السعودية

كيفية التعارض بين التسوية والحق العام في القضايا الجنائية في السعودية

في بيئة قانونية تتطوّر باستمرار، يظل موضوع التعارض بين التسوية والحق العام في القضايا الجنائية في السعودية من أكثر المسائل إثارة للنقاش، لا سيما في الجرائم التي تجمع بين ضرر خاص ومساس بالمصلحة العامة.

في هذا الدليل القانوني، نستعرض متى يسقط الحق الخاص، ومتى يستمر الحق العام، وما هو موقف القضاء السعودي من هذا التعارض، مع استعراض أمثلة تطبيقية من الواقع القضائي.

للتواصل مع محامي جنائي في جدة، استخدم زر الواتساب أسفل الشاشة.

هل يحدث التعارض بين التسوية والحق العام في القضايا الجنائية في السعودية؟

في القضايا الجنائية، قد يلجأ أطراف الدعوى إلى التسوية أو الصلح كوسيلة لإنهاء النزاع بين المجني عليه والجاني، لا سيما في الجرائم التي تتعلّق بالحق الخاص، كقضايا الاعتداء أو التشهير أو حتى بعض جرائم المال.

لكن يبقى السؤال المطروح: هل تُؤثر التسوية على الحق العام؟ وهل يحدث تعارض بينهما؟

وفق النظام السعودي، يُفرّق بوضوح بين الحق الخاص والحق العام؛ فبينما يجوز التنازل عن الأول أو التصالح فيه، فإن الحق العام لا يسقط بمجرد التسوية، بل تظل الدولة ممثلة بالنيابة العامة تتابع القضية إذا كانت الجريمة تمسّ النظام العام أو الأخلاق أو الأمن.

بمعنى آخر، لا يحدث التعارض بين التسوية والحق العام في القضايا الجنائية في السعودية مباشرةً، بل هناك استقلال بين المسارين: التسوية الودية في القضايا الجنائية قد تُخفّف الحكم أو تُساهم في تخفيف العقوبة، لكنها لا تُنهي الدعوى الجنائية العامة تلقائيًا، خاصة في القضايا المصنّفة ضمن الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف.

أثر الصلح على الحق الخاص

يتكرّر السؤال: هل الصلح يُسقط الحق الخاص؟
الجواب: نعم، بحسب النظام السعودي، فإن سقوط الحق الخاص ممكن متى تم الصلح بشروطه الصحيحة، سواء أمام جهة الضبط أو أثناء التحقيق أو خلال نظر القضية في المحكمة.

ويترتب على ذلك انتهاء المطالبة المدنية الناتجة عن الجريمة، وقد يؤدي إلى تخفيف العقوبة أو حتى وقف التنفيذ في بعض الحالات.

ومع ذلك، من المهم التمييز بين إنهاء الحق الخاص وبين الحق العام؛ فحتى لو تم الصلح، تبقى الجريمة خاضعة لموقف النيابة العامة من حيث المصلحة العامة.

ولذلك فإن أثر تسوية المنازعات الجنائية لا يشمل الحق العام تلقائيًا، ما لم ترى المحكمة أو النيابة أن الصلح كافٍ للعدول عن الاستمرار في الدعوى.

متى يبقى الحق العام رغم التسوية؟

رغم أن الصلح يُسقط الحق الخاص في غالب القضايا، إلا أن هناك حالات يستمر فيها الحق العام حتى بعد التسوية بين الأطراف.

ويُطرح هنا تساؤل جوهري: هل يبقى الحق العام رغم الصلح؟
الإجابة: نعم، فالنظام السعودي يقرّ بـ استمرار الحق العام في بعض القضايا، خاصة إذا كانت الجريمة تمس الأمن العام، أو الأخلاق، أو النظام العام، مثل: قضايا المخدرات، الجرائم المعلوماتية الجسيمة، أو الاعتداء على موظف عام أثناء تأدية عمله.

في هذه الحالات، لا يؤدي الصلح إلى بقاء الدعوى المدنية فحسب، بل تُستكمل الإجراءات الجزائية رغم التنازل، وقد تصدر المحكمة حكمًا بالعقوبة حمايةً للمصلحة العامة.

وتُعد هذه استثناءات صريحة من القاعدة العامة التي تجيز إسقاط الحق الخاص بالتسوية، مما يؤكد أهمية التفريق بين نطاق كل من الحقين.

أمثلة عملية: قضايا المخدرات، الرشوة، الجرائم الكبرى

وهنا يُثار سؤال شائع: هل يشمل الصلح قضايا المخدرات؟ وماذا عن الرشوة؟

الإجابة أن كثيرًا من الجرائم الكبرى تُعد من القضايا التي لا يشملها الصلح، لأنها تمس النظام العام أو الأمن أو النزاهة العامة.
ومن أبرز هذه الأمثلة:

  1. قضايا المخدرات:
    مثل حيازة المخدرات بقصد الترويج أو التهريب؛ تُعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف ولا يسقط فيها الحق العام بمجرد الصلح، بل تستمر فيها الدعوى الجزائية حتى صدور الحكم.
  2. جرائم الرشوة:
    كونها تتعلق بالوظيفة العامة والمال العام، فإنها من الجرائم التي لا يجوز فيها التنازل أو التسوية.
  3. جرائم الاعتداء الجسيم أو القتل العمد أو الجرائم المنظمة:
    تُعد كذلك من الجرائم المستثناة من التسوية، وفق لائحة وزارة الداخلية للجرائم الكبيرة.

هذه أمثلة واقعية توضّح أن الصلح ليس حلًا شاملًا في كل القضايا، ويجب التحقق من طبيعة الجريمة وتكييفها النظامي.

موقف القضاء السعودي من التعارض بين الحق العام والتسوية

يُطرح سؤال جوهري: ما موقف القضاء من التعارض بين الحق العام والتسوية؟

أظهرت قرارات قضائية عديدة أن موقف المحاكم السعودية مستقر على أن الصلح لا يُسقط الحق العام في القضايا التي تمس الأمن أو النظام العام، حتى وإن اتفق الطرفان على التسوية.

فالمحكمة تتعامل مع كل حالة وفق ظروفها، لكن المبدأ القضائي الراسخ هو أن للنيابة العامة حق الاستمرار في الدعوى، متى ما رأت أن الجريمة تمس المصلحة العامة.

وقد سجّلت سوابق قضائية رفضت فيها المحاكم الاكتفاء بالتسوية، خاصة في قضايا مثل التزوير، المخدرات، أو الاعتداء على موظف عام.

أهمية الاستعانة بمحامٍ لفهم حدود الحق العام

وغالبًا ما يُطرح سؤال مشروع في هذا السياق: لماذا أحتاج محاميًا في قضايا الحق العام؟
الإجابة تكمن في تعقيد الإجراءات، وتفاوت الأحكام بحسب نوع الجريمة، وسلطة المحكمة التقديرية.

فالمحامي لا يقدّم فقط الدفاع في المحكمة، بل:

  • تقديم الاستشارة الأولى بتحليل الوضع النظامي، وشرح ما إذا كانت القضية تُعد من الجرائم التي يمكن إنهاؤها بالصلح أم أنها تستوجب متابعة الحق العام.
  • يساعد المحامي في تقديم الطلبات النظامية للنيابة العامة، ومتابعة المذكرات، والترافع أمام المحكمة، وهو ما يُعد أمرًا حاسمًا لتجنب المفاهيم المغلوطة أو ضياع الحقوق.

الأسئلة الشائعة

نعم، بل في عدة حالات اعتبرت المحكمة أن الصلح لا يُنهي الدعوى العامة، وأكملت النظر فيها وأصدرت حكمًا بالعقوبة النظامية، مع الاستناد إلى لائحة الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف.
نعم، بحسب النظام السعودي، فإن سقوط الحق الخاص ممكن متى تم الصلح بشروطه الصحيحة، سواء أمام جهة الضبط أو أثناء التحقيق أو خلال نظر القضية في المحكمة.

ختاماً يتّضح من خلال استقراء الأحكام والمبادئ النظامية أن التعارض بين التسوية والحق العام في القضايا الجنائية في السعودية ليس تعارضًا بالمعنى القانوني الدقيق، بل هو تمايز في النطاق والوظيفة.
فالحق الخاص يتعلق بالتعويض أو التنازل، أما الحق العام فمرتبط بحماية المجتمع والنظام العام، ويملك القضاء والنيابة العامة صلاحية الاستمرار في الدعوى إذا اقتضت المصلحة العامة، حتى مع وجود صلح.

للحصول على استشارة قانونية متخصصة، يمكنك التواصل مع محامي جنائي في السعودية عبر زر الواتساب أسفل الشاشة.

لقراءة المزيد من المقالات تابع:

لديك استشارة قانونية؟
تواصل مع محامي